سد النهضة الإثيوبي (gerd) مرة أخرى

سد النهضة الإثيوبي (gerd) مرة أخرى


Play all audios:


م/ التيجاني محمد صالح سد النهضة عنوان كبير يهم جميع سكان الدول الثلاث إثيوبيا، السودان و مصر. هام لأن هناك فوائد جليلة للسد تختلف من بلد لآخر و هام لأن هناك مخاطر كبيرة أيضا ستواجه تلك


البلدان تختلف درجتها من بلد لآخر. و عند تناول موضوع سد النهضة الإثيوبي فإنه يجدر أن نتناول أولا الحديث بإستعراض الفوائد و المضار لكل بلد على حده و سيكون مختصرا لأن موضوع السد و ما يتعلق به


من فوائد و مضار قد قتل بحثا و أسيل فيه مداد كثير من المهتمين من طوائف عديدة على المستويين المحلي و العالمي شمل فنيين و قانونيين و صحافيين و غيرهم. فما هي الفوائد و المضار من قيام السد لكل من


البلدان الثلاثة. أولا مصر: لا يكاد يوجد لها فائدة من قيام السد عدا تقليل كمية الطمي الوارد مع المياه الواصلة لبحيرة السد العالي. أما المضار فتتمثل في نقص كمية المياه الواردة سنويا من إيراد


مياه النيل خاصة في سني ملأ خزان سد النهضة و سوف تفقد من المياه ما يعادل الآتي: – 6.5 مليار متر مكعب سنويا على الأقل هي عبارة عن الفائض من نصيب السودان السنوي الذي يذهب لمصر لعدم وجود


المواعين التي تستوعبه في السودان. – حوالي 1 مليار متر مكعب من المياه هو نصيب مصر من المياه المفقودة بفعل التبخر من بحيرة السد – هذا بإعتبار أن كمية التبخر المقدرة ب 2 مليار ستخصم مناصفة من


نصيب البلدين السودان و مصر. – ستفقد عدة مليارات من الأمتار المكعبة من المياه سنويا التي لا بد أن تطالب بها إثيوبيا في القريب العاجل بعد الإنتهاء من تشييد بناء السد. و يجدر هنا أن نضيف بأن


كمية الفقد من المياه يتوقف على ما ستطالب به دولة إثيوبيا. – سوف تفقد مصر صفة “مصر هبة النيل” ما بقي سد النهضة في مكانه و ستصبح إثيوبيا و من بعدها السودان المتحكم الرئيسي في مياه النيل


الأزرق. ثانيا السودان: هناك فوائد عديدة كما أن هناك مضار و لكن في الأحوال العادية فإن الفوائد أكثر من المضار بما لا يقاس. 1- الفوائد: – تمكين السودان من الإستفادة من كل نصيبه من مياه النيل


بزيادة الرقعة الزراعية. – إستمرار الزراعة لأكثر من موسم واحد طوال العام. – وقف أو تقليل مخاطر الفيضانات على طول مجرى مياه النيل. – في سني الجفاف يمكن للسودان أن يتفاهم مع إثيوبيا للإستفادة


من المياه المخزونة في بحيرة السد. – يزويد السودان بالإمداد الكهربائي بأسعار تفضيلية. 2- المضار: – فقدان 1 مليار متر مكعب نتيجة للفاقد من التبخر في بحيرة السد. – إختفاء الزراعة الفيضية. –


تقليل كمية الطمي الوارد من الهضبة الإثيوبية مما يؤدي إلى نقص في خصوبة التربة مما يؤدي لزيادة إستخدام الأسمدة. – سيضطر السودان إلى التنازل عن جزء من نصيبه من المياه لمصلحة إثيوبيا حال مطالبة


الأخيرة بنصيب من مياه النيل الأزرق. – التأثير البيئي. 3- الكوارث: – إحتمال إنهيار السد و سيمثل في حال حدوثه الكارثة الأعظم على السودان. لقد أضاع السودان على نفسه فرصة أن يكون شريكا في مشروع


السد حين عرضت عليه دولة إثيوبيا ذلك و رفض مما كان سيتيح له الفرصة في الإضطلاع و المشاركة في كل ما يتعلق بالمشروع دراسة و تصميما و تنفيذا و تشغيلا و إستثمارا ناجحا. و كان يجب محاسبة من وقف


أمام مشاركة السودان في هذا المشروع الذي يقام على مرمى حجر من الحدود. و في كل الأحوال على السودان أن يطالب بحقه في التحقق من سلامة التصميم و التنفيذ و التشغيل. ثالثا إثيوبيا: و هي الدولة التي


ستحصل على أعلى الفوائد من قيام السد و تتمثل في الآتي: 1- الفوائد: – الإستفادة من الكهرباء الناتجة من تشغيل السد للإستخدام الداخلي و للتصدير للدول المجاورة. – الحصول على نصيب سنوي من مياه


النيل يمكن إستخدامه في الزراعة. – تحفيز الشعور القومي للشعوب الإثيوبية و توجيهه نحو بناء دولة عصرية بتشجيع رؤوس الأموال الأجنبية للدخول في الإستثمار. 2- المخاطر: – تحمل تكلفة إنشاء السد بما


فيه من ديون مع أرباحها. – في حال تعرض السد لكارثة طبيعية أو نتيجة لخطأ في التصميم أو التشغيل أو لغارة عدوانية من جهة ما ستضطر دولة إثيوبيا لتحمل نفقات الخسائر الناجمة عن ذلك في السودان و


إثيوبيا. و بعد، يمكننا أن نقول الآتي: إن المضار التي ستواجه مصر هي في الواقع تصب في مصلحة السودان و إثيوبيا كما أن المضار التي ستقع على السودان خاصة في حال إنهيار السد هي في الواقع تصب في


مصلحة مصر و ضد مصلحة إثيوبيا. و غني عن القول إنه ليس لمصر أية مصلحة في قيام السد بل تتمنى أن تصبح و لا تجد السد في مكانه. و قد رأينا كيف أن أمريكا ممثلة في رئيسها السابق حرضت مصر على التدخل


لوقف السد قبل أن يكتمل. و لولا تخوف مصر من رد الفعل الإثيوبي لما تأخرت ساعة عن تسديد ضربة توقف البناء. فإثيوبيا قد أعلنت بحزم أن “السد سيقابله سد”. و سواء إنهار السد بفعل عمل عسكري أو بفعل


الطبيعة أو بفعل خطأ بشري آخر فالنتيجة في جميع الأحوال هي مما يسر مصر. و لهذا يعجب المرء حين يرى الجانب المصري يشدد على طلبه في ضرورة التأكد من “سلامة السد!!!”. فسلامة السد هي في الواقع عكس


ما تريده مصر و لكنها تستخدم ذلك ذريعة لوقف عملية البناء و تستخدم لذلك بعض السودانيين منهم من يؤدي دوره بحسن نية و منهم من يدرك حقيقة ما يراد منه تماما و يؤديه بحماس زائد. فالموقف المصري لا


يتفق إستراتيجيا مع الموقف السوداني و لكنه يستخدم تكتيكيا ريثما يتحقق الهدف ثم يقفون ضد المصلحة الوطنية السودانية في اللحظة الحاسمة. و اللحظة الحاسمة تعني ساعة نجاح إثيوبيا في بناء السد و


بدأت في المطالبة بنصيبها من المياه و هنا فقط سيكتشف السوداني الطيب الوجه الآخر لمصر التي ستلقي بجميع تبعات ما يطالب به الإثيوبييون على السودان و ستستخدم مصر القوة إن إستدعى الأمر ذلك. و ما


نراه من إتفاقيات عسكرية و مناورات على الأراضي السودانية و زيارات مسؤوليين مصريين على أعلى مستوى و التصعيد الإعلامي المصري لما يدور من قتال على الحدود مع إثيوبيا و عدم الحديث مطلقا عن الأراضي


التي تحتلها مصر و منها حلايب كل ذلك يؤكد حقيقة النوايا المصرية في سعيها للإيقاع بالدولتين معا السودان و إثيوبيا و إصتياد عصفورين بحجر كما يقول المثل. إن ما بعد بناء سد النهضة لهو الإختبار


الحقيقي للسودانيين للدفاع عن أرضهم التي ستهددها مصر بصورة مباشرة. و لا نزال نتعامل مع القضايا الكبرى بردود الأفعال و برزق اليوم باليوم إذ أنه لم يعرف حتى اليوم ما إذا كان رفض السودان للمقترح


الإثيوبي بالمشاركة في مشروع سد النهضة الإثيوبي قرارا سودانيا صرفا أم أن هناك أياد مصرية قد لعبت بالملف من وراء ستار و حددت للسودان الوجهة التي يجب أن يسير فيها؟ إن رفض السودان المشاركة في


مشروع قيام السد كان قرارا خاطئا بكل المقاييس أضر كثيرا بالأمن القومي السوداني مما يستدعي إجراء تحقيق شامل لمعرفة مدى إستقلال القرار السوداني و ما إذا كان هناك نفوذ لدولة أجنبية يمارس من خلال


أياديها الخفية المتغلغلة في المجتمع السوداني و خاصة ما يتعلق بمياه النيل للإضرار بمصالح السودان؟ عندها فقط ربما ستتبين لنا الحقيقة على عكس ما نرى و نسمع من إهتمام زائد بالعلاقات بين البلدين


الشقيقين.